دراسة المستحيل...أجمل ما قيل عن المستحيل

Accueil

دراسة المستحيل...أجمل ما قيل عن المستحيل

دراسة المستحيل

من المفارقة أن الدراسة الجادة للمستحيل غالبا ما فتحت حقولا غنية و غير متوقعة من العلم . على سبيل المثال , قاد البحث العقيم و المخيب ل " الآلة دائمة الحركة " الفيزيائيين إلى الإستنتاج أن مثل هذه الآلة مستحيلة, ما أجبرهم على طرح نظرية حفظ الطاقة و قوانين الديناميكا الحرارية الثلاثية . لذا ساعد البحث العقيم لبناء اَلات دائمة الحركة في فتح حقل علمي جديد تماما من الديناميكا الحرارية , و الذي أسس جزئيا للمحرك البخاري, عصر الآلة و المجتمع الصناعي الحديث.

وعند نهاية القرن التاسع عشر قرر العلماء أن " المستحيل " أن يكون عمر الأرض مليارات السنين. و صرح اللورد كلفن علناً بأنه يمكن للأرض المنصهرة أن تبرد خلال 20 إلى 40 مليون سنة , معارضا في ذلك الجيولوجيين و علماء الأحياء الداروينيين الذين زعموا أن عمر الأرض يمكن أن يكون مليارات السنين.و قد برهن أخيرا على أن المستحيل ممكن ,بإكتشاف القوة النووية على يد السيدة كوري و اَخرين , و التي أظهرت أن مركز الأرض , المسخن بالتفكك الإشعاعي , يمكن أن يبقى منصهرا المليارات السنين.

نهمل المستحيل على حسابنا. كان روبرت غودارد مؤسس علم الصواريخ الحديث في العشرينيات ة الثلاثينيات موضوعاً لسخرية شديدة من أولئك الذين اعتقدوا أنه لا يمكن للصواريخ أبداً أن تسافر في الفضاء الخارجي.

لقد أطلقوا على محاولته بتهكم " حماقة غودارد " و في العام 1921 شجب محررو مجلة نيويورك تايمز عمل غودارد بالقول : " لا يعرف بروفسور غودارد العلاقة بين الفعل ورد الفعل,و الحاجة إلى شيء أفضل من الفراغ للعمل ضده. يبدو أنه يفتقر إلى المعرفة الأساسية التي تعطى كل يوم في المدارس الثانوية". الصواريخ مستحيلة, كما صرح المحررون بإزدراء , لأنه لا يوجد هواء في الفضاء الخارجي لتندفع هذه الصواريخ ضده. و للأسف,فقد وعى أحد رؤساء الدول, و هو أدولف هتلر , معاني صواريخ غودارد "المستحيلة". و خلال الحرب العالمية الثانية أمطر وابل من صواريخ V-2 المتقدمة و المستحيلة الموت و الخراب على لندن , ما جعلها تجثو على ركبتيها تقريبا. 

و ربما غيرت دراسة المستحيل أيضاً مسار التاريخ العالمي, لقد اعتقد بشكل عام في الخمسينات حتى من قبل اَينشتاين نفسه, أن القنبلة الذرية "مستحيلة". لقد أدرك الفيزيائيون أن هناك كمية هائلة من الطاقة محصورة ضمن نواة الذرة بحسب معادلة اَينشتاين E=mc¨2, لكن كمية الطاقة المطلقة من نواة وحيدة هي ضئيلة جدا كي يتم اعتبارها. لكن الفيزيائي النووي ليو سيلزارد تذكر قراءة رواية ه.ج.ويلز للعام 1914 "العالم محررا" حيث تنبأ ويلز بتطوير القنبلة الذرية. لقد ذكر في كتابه أن سر القنبلة الذرية سيحل من قبل فيزيائي العام 1933. و بالمصادقة عثر سيلزارد على هذا الكتاب في العام 1932.بدافع من هذه الرواية, عثر سيلزارد في العام 1933, تماما كما توقع ويلز منذ عقدين من الزمن, على فكرة تضخيم طاقة ذرة وحيدة من خلال التفاعل المتسلسل, بحيث يمكن تضخيم الطاقة من إنشطار نواة يورانيوم وحيدة بعدة تريليونات المرات. ولذا حرك سيلزارد سلسلة من التجارب المهمة , و المفاوضات السرية بين اَينشتاين و الرئيس فرانكلين روزفلت و التي قادت أخيراً إلى مشروع مانهاتن, الذي أنتج القنبلة الذرية. 

مرة بعد أخرى نرى أن دراسة المستحيل فتحت اَفاقاً جديدة تماماً,موسعة حدود الفيزياء و الكيمياء و مجبرة العلماء على إعادة تحديد ما يعنونه بكلمة "مستحيل". وكما قال السيد وليام أوزيم مرة : "لقد أصبحت فلسفة عصر ما سخافة العصر الذي يليه, و أصبحت حماقة البارحة حكمة الغد".

ويتفق العديد من الفيزيائيين مع المقولة الشهيرة ل تي.اتش.وايت الذي كتب في "الملك لمرة,وفي المستقبل" : "أي شيء غير ممنوع ضروري". و في الفيزياء نجد الدليل على هذه المقولة طوال الوقت.فما لم يكن هناك قانون فيزيائي يمنع بوضوح ظاهرة جديدة نجد في النهاية أنها موجودة (حدث هذا مرات عدة في البحث عن جسيمات تحت ذرية , وبتفحص حدود ما هو ممنوع, اكتشف الفيزيائيون عدة مرات من دون توقع قوانين جديدة في الفيزياء), و النتيجة الطبيعية لمقولة وايت ستكون "أي شيء غير مستحيل هو ممكن".

على سبيل المثال,حاول عالم الكونيات ستيفن هوكنغ أن يبرهن على أن السفر عبر الزمان مستحيل باكتشاف قانون جديد في الفيزياء يمنع ذلك,دعاه "حدس حماية الزمان" . لكنه لسوء الحظ لم يستطيع بعد سنوات عدة من العمل الشاق أن يبرهن على هذا المبدأ. و في الحقيقة, على عكس ذلك,وضح العلماء الآن أن الذي يمنع السفر عبر الزمان يقع خارج رياضياتنا الحالية . و اليوم لأنه لا يوجد قانون فيزيائي يمنع وجود آلات الزمن, على الفيزيائيين أن يعتبروا احتمال صنعها بجدية.

هناك بالفعل تقانة "مستحيلة" برهن على أنها ممنكة : فكرة النقل الفوري البعيد (teleportation)(على الأقل على مستوى الذرات). وحتى سنوات قليلة سابقة كان الفيزيائيون إن إرسال شيء أو نقله بحزمة شعاعية من مكان إلى آخر يناقض قوانين الكوانتم.وفي الحقيقة فقد تأثر كتاب المسلسل التلفزيوني الأصلي "ستار ترك"(Star Treck). بالنقد من الفيزيائيين إنهم أضافوا "معوضات هايزنبرغ" لتفسير ناقلاتهم الفورية من بعد لمعالجة هذا الخلل. و يستطيع الفيزيائيون اليوم,بفضل اكتشاف حديث,أن ينقلوا الذرات فورا من بعد عبر غرفة أو الفوتونات تحت نهر الدانوب.

 


google-playkhamsatmostaqltradent