في نقد بنية العقل المغربي
يندرج هذا المقال في إطار محاولة فهم العقل المغربي الحديث، الذي أصبح مصدر قلق للمواطن المغربي ذاته، في ظل تواتر تراكمات بشكل يومي تبعث على المزيد من الخوف و القلق و التدحرج إلى مراتب دنيا في مؤشرات الرفاه الاجتماعي و التموقع الدولي (الحضاري)، دون أن أنسى أن أُذَكِّرَ بأن المسعى يبقى المساهمة في "صناعة" المجتمع المغربي القوى و المتحضر الذي ينشده الصالحون من أبناء هذا الوطن.
أنطلق من القول أن ساكنة المغرب تناهز أو ربما تفوق 40 مليون نسمة، قد تختلف في أعمارها و أعراقها و لهجاتها و جغرافيتها و أنشطتها الاقتصادية، و مستوياتها التعليمية...، لكن هناك صفة واحدة توحدهم: إنهم يفكرون بنفس الطريقة، و يتعاملون مع الغير و الأحداث و التحديات بنفس الطريقة -- ( و عليك كقارئ أن تُقيِّمَ بنفسك مدى جمالية أو قبح تلك الطريقة). و إن كانت هناك استثناءات، فيقينا إنها تبقى استثناءات، التي سرعان ما تنقلب إلى "ضحايا" تعاملات اجتماعية، و التي تعجل بانضمامها السريع إلى الأغلبية الساحقة الحارقة. و هكذا نجد أنفسنا أمام دائرتين اجتماعيتن، أحدهما تتسع و الأخرى تضيق بشكل تناسبي و مستمر.
ما أعبر عنه يتطلب درجة عالية من الصراحة و مصارحة الذات. الذين سيخالفونني الرأي سيكون بينهم من يحكمون على الناس من خلال انشطتهم و ابتساماتهم في هذا العالم الافتراضي (بالمناسبة، ما أروع هؤلاء الذين سمُّوه ب/ (أو ترجموه إلى) الافتراضي. أنوى داخل قرارة نفسي أن أنكب جديا على دراسة "العقل المغربي"، و أدعوكم لفعل ذلك، كذلك. أظن أن تعريف أو تصحيح مفهوم العقل المغربي هو أول خطوة في أي مخطط نهضة أو تنمية منشود. فلا شك أن سبب فشل كل المخططات و البرامج الوطنية تعود إلى كون أن تدبيرها كان "بعقلية مغربية فاسدة" (و المصطلح هنا أستقيه من حضوره الواسع في الاعلام المغربي و من شعار أحد الأحزاب المغربية/"صوتك فرصة لمحاربة الفساد و الاستبداد" إبان فترة الربيع العربي/المغربي.
فبينما تُشَتِّتُ المظاهر فكر و نظر المواطن أو الملاحظ، كأن ينظر أحدنا لما يمتلكه الغير (و الذي لن يعدو أن يكون سيارة، أو مشروع استثماري عبارة عن مقهى..، أو منصب سياسي، أو وظيفي..، أو السجالات السياسية و الرياضية و البينية )، يجب أن نمارس المنطق الرياضي و نختزل الوقت و النظر و المجهود في النظر إلى "عقلية/أو عقل" المواطن المغربي المعني !!
لماذا يتشابه المغاربة؟ يتشابهون لأنهم يقلدون و يسلكون نفس السبل، كما أنهم يتبنون نفس الاستراتيجيات التي يتبناها من سبقوهم: تجد مثلا سياسيا معارضا يناضل من أجل الوصول إلى السلطة، فلما يصل إلى كرسيها، فإنه يأتي بنفس المنكر الذي طالما عارضه و بنى حملته عليه.
يتشابه المغاربة لأن هناك وسائل إعلامية و اجتماعية تصنعهم ليل نهار، في غياب أي برامج أو سياسات تروم إلى بناء الفكر الناقد، و تجديد الفكر، و تدبير الوقت، و محاربة الفراغ، و إطلاق المشاريع...
يقينا لو تم أخذ الاقتراحات السالفة بعين الاعتبار، و تم الاشتغال عليها، فستتقلص حتما المسافة الضوئية التي تفصلنا عن تركيا على مستوى التنمية، و هي البلد الأقرب إلى المغرب ثقافيا، و حيث الامكانات الطبيعية و الموقع الجغرافي كذلك.
كاتب المقال : ذ. عبد الله العزوزي